تسعى وزارة التعليم إلى تعليم نوعي يواكب التطورات التعليمية والتربوية من خلال تحديث السياسات التعليمية والتربوية والاستراتيجيات المنفذة لها بما يؤهلها للتميز في المنافسات التعليمية الدولية ويؤهلها لمتطلبات سوق العمل بمجالاته كافة، وبما يمكنها من اكتساب مهارات التعلم والإبداع علمياً ومهنياً.
تم إطلاق نظام المسارات الثانوية العامة لإعداد جيل متعلم، ومستعد للحياة، ومؤهل للعمل، قادر ًعلى مواصلة تعليمه، والمنافسة عالميا، ولهذا بات على مدير المدرسة التكيف مع هذه التطورات من أجل رفع كفاءة مدرسته وفق أسس وخطوات سليمة.
وتحقيقا لرسالة التعليم بالنهوض بالعملية التربوية في كافة محاورها وفي مقدمتها الإدارة المدرسية، يأتي هذا الدليل ليساعد مدير المدرسة على فهم أبعاد أدوراه التربوية المهمة في مسارات الثانوية العامة بما يتواءم مع مهامه الواردة بالدليل التنظيمي للمدرسة ، ويرسم الخطوات العملية لأداء عمله بأفضل الطرق والأساليب الإدارية؛ مما يسهم في الرفع من كفايته الإدارية والفنية.
فلسفة نظام المسارات
يستند التعليم الثانوي في نظام المسارات إلى التوجهات التربوية المعاصرة، ونظريات التعلم التي تركز على الدور النشط للطالب في عملية تعلمه وفق النظرية البنائية، والبنائية الاجتماعية، بحيث يبني الطالب بنيته المعرفية الخاصة به، ويولد المعرفة عبر الممارسة، استنادا إلى خبراته الذاتية في محيط اجتماعي، ومن ثم يدمجها في بنائه المعرفي بشكل ذي معنى. ويسعى هذا النظام إلى توفير البرامج، والفرص، والخبرات التعليمية التي تشجع الاستقلالية في التعلم، والنمو الذاتي، والاكتشاف، والبحث، والتفكير في إطار من تكافؤ الفرص، ًوحرية الاختيار. ونظام المسارات بشكل عام ينطلق أيضا من فلسفة متجددة قائمة على توسيع الفرص ُوالمشاركة للطالب؛ فهي كما ت ِع ًد الطالب للحياة، ولإكمال تعليمه بعد الثانوي؛ فإنها أيضا تمنحه فرصة المشاركة في سوق العمل. فالطالب عبر فلسفة نظام المسارات قادر على ممارسة أكثر من دور يجعله شريكاً في صناعة المعرفة، ويستطيع أن يتماشى مع متغيرات القرن الحادي والعشرين، ليصبح ركيزة رئيسة في رؤية المملكة 2030.
فلسفة المسارات التخصصية:
نظرا لتعدد وتنوع المسارات المتخصصة للمرحلة الثانوية؛ بني كل مسار على فلسفة تتوافق مع الأهداف المنشودة، وهي على النحو التالي:
الأول: المسار العام
يهدف المسار العام لتزويد المتعلم بالمعارف والمهارات والاتجاهات الإيجابية نحو التخصصات المتعلقة بالعلوم والتقنية والرياضيات، وتعزيز التكامل بين المجالات العلمية والإنسانية من خلال توظيف مداخل واتجاهات تعليمية متنوعة، مثل: استخدام منهج يعتمد على التكامل بين العلوم والتقنية والهندسة والفنون والرياضيات (STEAM).
يقدم المسار العام المناهج الدراسية بأسلوب يعزز مهارات التحليل، والتفكير العلمي، والاستقصاء، وحل المشكلات بطرق عملية. كما يركز على الجانب الرقمي لإعداد متعلم يمتلك المهارات والقدرات العلمية والذهنية التي تؤهله للمشاركة الفاعلة في تنمية الوطن، وبناء اقتصاد المعرفة ومجتمعها، واتخاذ القرارات التي تفيده في حياته الشخصية، والتعليمية، والمهنية.
الثاني: مسار الصحة والحياة
تنطلق فلسفة المسار من رؤية المملكة العربية السعودية 2030 التي تهدف إلى بناء نموذج ناجح ورائد على مستوى العالم في المجالات كافة، ومنها مجال علوم الصحة والحياة الذي يهدف لتعزيز الصحة والرفاه وتنمية الاقتصاد الوطني من خلال استثمار طاقات أبناء الوطن لينعكس إيجابا على تحسين جودة الخدمات الصحية بقسميها الوقائي والعلاجي.
يراعي المسار الربط بين النظرية والتطبيق من خلال تزويد الطالب بمشكلات واقعية من البيئة والحياة اليومية؛ لتسهم في تنمية التحصيل العلمي، وتنمية المهارات والاتجاهات نحو المجالات العلمية، من خلال مناهج دراسية تتسم بالعمق المعرفي والمهاري، وتعزز التكامل بين فروع العلوم المختلفة. وتوظف المواد عدة مناهج، منها منهج العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات (STEM) الذي يعزز الاستيعاب المفاهيمي من خلال استخدام إستراتيجيات تدريسية تعزز دور المتعلم. ويزود المسار الطلاب بالمهارات والمعارف والاتجاهات الإيجابية التي تسهم في تعزيز العمل التطوعي فيما يخدم المجتمع، وخصوصا في مجال مكافحة الأوبئة.
الثالث: مسار الحاسب والهندسة
نظرا لتأثير كل من الجانب الاقتصادي والتعليمي في الآخر، مما يعني أهمية سوق العمل؛ فإن من المهم العمل في المجال التعليمي على تعزيز مهارات القرن الحادي والعشرين المختلفة التي ترتبط بالتعامل مع التقنية لإكساب الطلاب مهارات الوصول للمعلومات، وتقييم موثوقيتها وتحليلها واستخدامها، مع التأكيد على التطبيق العملي من خلال عمل المشاريع الإبداعية لحل المشكلات المختلفة. لذا تقوم فلسفة المسار على المنهج التكاملي بين العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات (STEM)، ويهدف المسار لتكوين اتجاهات إيجابية نحو التخصصات التقنية، إضافة إلى تمكين الطلاب من الإبداع والابتكار في جميع المجالات. وكذلك فإن المسار يهدف لتنشئة جيل منتج للحلول التقنية، ومسهم في بناء المجتمع. ويعزز المسار المهارات والصفات التي يطلبها سوق العمل في الثورة الصناعية الرابعة.
الرابع: مسار إدارة الأعمال
يسعى المسار لتطوير المهارات الحياتية لطلاب المرحلة الثانوية اللازمة لتحقيق النجاح الاقتصادي، والتحول للتعليم القائم على الاقتصاد المعرفي، وكذلك توسيع الفرص التعليمية من خلال إكساب المتعلم مهارات القرن الحادي والعشرين التي تؤهله لمواصلة الدراسة في أحد التخصصات ذات العلاقة. كما يسهم في معرفة المتعلم بالسوق الدولية، والأنظمة الاقتصادية، مع التشجيع على الإبداع والتفكير الريادي.
ولهذا تقوم فلسفة مسار إدارة الأعمال على إعداد المتعلم ليصبح مواطنا مسؤولاً ومنتجاً وقادرا على اتخاذ القرارات الذكية التي تفيده في حياته الشخصية والتعليمية والمهنية؛ عبر تزويده بالخبرات التي يحتاج إليها في المجالات العلمية المرتبطة بإدارة الأعمال. حيث يبني المتعلم تصورا عن الفرص المهنية والدراسية الواعدة المرتبطة بها، لاتخاذ قرارات صائبة نحو الحياة والتوجه التعليمي والمهني المستقبلي بناءً على المعارف والمهارات والاتجاهات والقيم المهنية الأساسية المكتسبة في أثناء الدراسة بالمسار.
الخامس: المسار الشرعي
يسعى المسار الشرعي إلى تعزيز الأسس المعرفية والعقدية والفقهية والتعبدية والأخلاقية والسلوكية والقيم الإسلامية والهوية الوطنية، وبناء الشخصية الوسطية لدى الطلاب؛ ليكونوا قادرين على العمل البناء في مجتمعهم، وتكوين الشخصية العلمية الملتزمة والمتميزة في فهمها العميق والشامل للقرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، والأحكام الشرعية المستنبطة منهما، وإعداد طلاب مؤهلين لمعرفة أحكام الشريعة في كل ما يستجد من أمور الحياة، وتأهيلهم لوظائف المستقبل.